كتبت:سماء جمال صابر
بدأ الإقطاع في الظهور أواخر عهد الدولة القديمة، عندما بدأ حكام الأقاليم يطالبون بسلطات مستقلة وأملاك خاصة، وتمثَّل ذلك في إعطائهم ملكيات زراعية معفاة من الضرائب. وازداد هذا الأمر في عهد ملوك الأسرة الرابعة عندما كانوا يُكافئون بناة الأهرام بهدايا سخية متمثلة في إقطاعيات زراعية مُعفاة من الضرائب. وإلى جانب هذه الإقطاعيات المدنية، ظهرت الإقطاعيات الدينية التي تلت بناء المعابد الضخمة، فكان يُخصص لكهنتها مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية المُعفاة من الضرائب ليتعبّدوا فيها ويقوموا بوظائفهم.
ومع هذه التطورات، قويت سلطة حكام الأقاليم على سلطة الفرعون، فأصبح الأخير مجرد صورة رمزية فحسب وكل إقليم مستقل بذاته تحت إمرة حاكمه. وترتب على هذا التطور الخطير انقلاب شامل في كافة نواحي الحياة التي عرفتها مصر في عهد الدولة القديمة، فكان المجتمع الإقطاعي ينقسم إلى طبقتين: طبقة الأشراف، وطبقة عامة الشعب. الأولى تضم الملوك والحكام والكهنة الذين يُوّرثون ثرواتهم لأبنائهم، والثانية تضم باقي الفئات والمهن الأخرى من الطبقة العاملة الكادحة التي أيضًا تورّث الفقر لأبنائها.
وكان عهد الأسرة السادسة هو المرحلة الحاسمة في سقوط الدولة القديمة، فبجانب كل المشاكل الداخلية والصراعات الدينية التي سبق الإشارة إليها كانت البلاد فريسة للمطامع الأجنبية. وبلغت الأمور أقصى درجات السوء في عهد «بيبي الثاني» الذي لم يستطع حماية بلاده وأطرافها من الغارات الأجنبية، وكذلك في عهده استشرى الفساد وأصيبت حكومته بالشلل التام لتجاوزه في السن وعدم قدرته على إدارة البلاد، بالإضافة إلى تحالف حاشيته ضده وحجبهم للحقائق عنه، ففاض الإناء بالشعب ولم يكن في وسعه سوى ثورة عارمة تكتسح في طريقها كل شيء، الجماد والبشر والقيم.