( ما الأحوال التى أدت إلى ظهور الدعوة العباسية )


كتبت / بسنت عادل 


مؤسس الدعوة العباسية هو محمد بن على العباسى هو من بدأ تنظيم الدعوة وبث دعاتها ، غير أن بداية تحديد تلك الدعوة غير يسير لاختلاف الروايات ليس فقط بين المؤرخين بل أيضاً لدى المؤرخ الواحد ؛ لكن بعد مقابلة الروايات بعضها على بعض نستطيع التوصل إلى البداية الصحيحة للدعوة العباسية . بعد مقتل الحسين بن على فى كربلاء انتقلت الخلافة إلى أخيه محمد بن الحنفية ، وبعد وفاته آلت الخلافة إلى إبنه أبى هاشم عبدالله والتف حول أبى هاشم فرقة من الشيعة الكيسانية عرفت بالهاشمية نسبة إلى أبى هاشم عبدالله ، نظم أبو هاشم دعوته وبث دعاته ونظم سبل الإتصال بأتباعه فى سرية تامة لكنها لم تخف عن عيون الأمويين . 

كان محمد بن على العباسى على صلة طيبة لأبى هاشم عبدالله بن محمد بن الحنفية فقد تتلمذ على يده فى المدينة ، ولم يكن لأبى هاشم ولد ذكر فاعتبر محمد بن على العباسى كولده . كان أبى هاشم فى زيارة إلى الخليفة الأموي سليمان بن عبدالملك وعندما مرض تحامل على نفسه وذهب إلى الحميمة عند محمد بن على العباسى و بنو عمه ، فأعلمهم أنه له دعاة ،ولم يكن عندهم خبر عن الدعاة ولا يعرفون أحداً منهم ، وعندما اشتد المرض عليه أخبرهم بسره وكشف لهم حال الدعاة وأعطاهم العلامات وسلم إليهم خاتماً كان فى أصبعه يختم به الكتب إلى الدعاة ، وكتب لهم كتباً إلى الشيعة والدعاة بتسليم الأمر إلى بنى العباس وهذا يعنى أن أبى هاشم يأمر شيعته أن يأتوا محمد بن على العباسى من بعده . ومن هنا بدأ محمد بن علي العباسى التخطيط لبداية الدعوة العباسية وتهيأت الفرصة بعد ولاية عمر بن عبد العزيز الخلافة الأموية سنة ٩٩ هجريا ، الذى نبذ العنف وانتهج سياسة الحكمة والموعظة الحسنة ، فأمر الإمام محمد بن علي العباسى ببدء الدعوة العباسية سنة ١٠٠ هجريا بعد أن نظمها وعين مراكزها و وجه إليها دعاتها . 


مراكز الدعوة العباسية :- 

استتر الإمام العباسى فى الحميمة فكانت هى المركز الرئيسي للدعوة العباسية ، وكان المركز الثاني للدعوة فى الكوفة وفيه داعى الدعاة وكانت خراسان مركزها الثالث وفيه جمهور الدعاة والأتباع ومع أن الإمام العباسى لم يأمل الكثير من الكوفة لميولها العلوية فقد اتخذها مقراً لداعى دعاته ليكون همزة وصل الإمام العباسى فى مقره بالحميمة وبين جمهور الدعوة فى خراسان واتخذ خراسان لنشر دعوته لبعدها عن حاضرة الأمويين من ناحية ، ومن ناحية أخرى كانت أحوالها مهيأه لقبول الدعوة العباسية . 


الدعاة :- 

نظم الإمام محمد بن علي العباسى دعاته إلى شعبتين رئيسيتين كل شعبة تختص منها بمركز من مراكز الدعوة أولاهما بالكوفة بالعراق وكانت أخرهما بمرو الشاهجان بخراسان . كان من أعمال داعى الدعاة أن يكون واسطة بين الإمام والدعاة ، ينقل إليهم كتبه وتعاليمه ، ويوصل إليه كتبهم وأحوالهم والأموال التى يحصلونها من شيعته وتسمى النفقات . اول من تولى هذا المنصب هو سلمة بن بجير لكنه توفى قبل وصوله إلى الكوفة فقام مقامه أبورباح ميسرة النبال استدعاه محمد بن على العباسى و وجهه الى الكوفة لبدء الدعوة سنة ١٠٠ هجريا ظل ف منصبه خمس سنوات وذهب إلى خراسان على هيئة تاجر لبدء الدعوة سنة ١٠٢ هجريا وتوفى سنة ١٠٥ هجريا . جاء من بعده بكير بن ماهان ولم يكن متواجد عند وفاة أبى هاشم وعندما عاد من تجارته فى السند وعلم مبايعة محمد بن على بايعه و وضع ثروته الهائلة فى خدمة الدعوة العباسية وذهب متخفيا على هيئة عطار ليخبر الإمام بوفاة أبى رباح ، فولاه رئاسة دعاته فى الكوفة ، فوجه نفراً من الدعاة إلى خراسان سنة ١٠٨ هجريا . ظل بكير بن ماهان رئيساً لدعاة العباسيين بالكوفة حتى وفاة الإمام محمد بن على العباسى سنة ١٢٥ هجريا . تولى الإمامة من بعده ولده إبراهيم المعروف بالإمام ،فأبقى بكير بن ماهان فى منصبه حتى مرض وتوفى سنة ١٢٧ هجريا . جاء من بعده أبا سلمة الخلال ليخلفه فى منصب داعى الدعاة وظل أبو سلمة الخلال فى منصبه رئيساً لدعاة العباسيين حتى شهد قيام الدولة العباسية واستوزره أول خلفائها أبو العباس عبدالله السفاح .

أحدث أقدم