إن التحذير من الشر باب من أبواب الخير، قال حذيفة- رضى الله عنه-: "كان الناس يسألون رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن الخير، وكنت اسأله عن الشر مخافةً أن يدركنى".
فالدفع أسهل من الرفع، والتخلية مقدمة على التحلية، والوقاية خير من العلاج، وأحياناً تكون العلاج الوحيد، والخبرة بالظلام تميزه عن النور، وتعصم من التورط فيه.
قال أمير المؤمنين عمر- رضى الله عنه-: "يوشك أن يهدم الإسلام حجراً حجراً من جهل عادات الجاهلية".
قال الأستاذ محمد احمد الراشد- حفظه الله تعالى-: "حذيفة- رضى الله عنه- لايقنع أن يشارك إخوته من الصحابة- رضى الله عنهم- سؤالهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن مكملات الخير الذى هم فيه، وما إن يشاركهم فرحهم بالخير حتى تلذع ابتسامة قلبه تخوفاتٌ من احتمالات الشر شرٌ مبهم يراه مقبلاً، يجهل صفته وعلامته، فيظل قلقاً وجلاً، حتى ينعته له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ويذكر له بوادره ومقدماته التى ستنبهه يوماً ما إلى الاحتياط ورفع صوته بأذان التحذير.
كان يريد علماً يكمل علم الخير، فصار يحرص أن يخلو برسول الله- صلى الله عليه وسلم- يسأله.
فأتقن علم الشر بهذا الحرص، وأحاط خُبراً بما سيكون من فتن وسوء ونفاق، حتى احتاج الى علمه كبار الصحابة، وطفِق مثلُ عمر- رضى الله عنه- يسأله، ويستشيره.
والمغزى الأكبر هنا يكمن فى استجابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لحذيفة، وجوابه له، وقبوله تعليمه علم الشر، لم يقل له:( اننا فى خير، ونسير من نصر إلى نصر، فاصرف عنك الهواجس، بل اجابه واعلمه.
ومن هنا نحن نتعلم علم الشر كى نراه ونميزه قبل أن يغزونا.