كتبت :سماء جمال صابر
هو قتيبة بن مسلم بن عمرو بن حصين بن الأمير أبو حفص ولد سنة 48 هـ في بيت إمرة وقيادة بأرض العراق، وكان أبوه مسلم بن عمرو من أصحاب مصعب بن الزبير والى العراق من قبل أخيه أميرالمؤمنين عبد الله بن الزبير، وقتل معه في حربه ضد عبد الملك بن مروان سنة 72 هجرية.
ولما ترعرع قتيبة تعلم العلم والفقه والقرآن. ثم تعلم الفروسية وفنون الحرب، فظهر فيه النبوغ وهو شاب في مقتبل شبابه، وكانت منطقة العراق مشهورة بكثرة الفتن والثورات، لذلك عمل كل ولاة العراق على شغل أهلها بالغزوات لاستغلال طاقاتهم الثورية في خدمة الإسلام ونشر الدعوة.
ذلك كانت أرض العراق هى قاعدة الانطلاق للحملات الحربية على الجبهة الشرقية للدولة الإسلامية، وقد اشترك قتيبة في هذه الحملات منذ شبابه المبكر، وأبدى شجاعة فائقة وموهبة قيادية فذة، لفتت إليه الأنظار خاصة من القائد العظيم المهلب بن أبى صفرة وكان خبيرًا في معرفة الأبطال ومعادن الرجال فتفرس فيه أنه سيكون من أعظم أبطال الإسلام.
فأوصى به لوالى العراق الشهير الحجاج بن يوسف الثقفي الذى كان يحب الأبطال والشجعان، فانتدبه لبعض المهام ليختبره بها ويعلم مدى صحة ترشيح المهلب له، وهل سيصلح للمهمة التى سيوكلها له بعد ذلك أم لا .
فولاه عبد الملك بن مروان الري. وبعد ذلك ولاه الحجاج بن يوسف الثقفي، سنة 86 هـ، ولاية خراسان وهو إقليم شاسع مترامى الأطراف، لم يكن المسلمون قد واصلوا الفتح بعده، وكان المهلب بن أبى صفرة واليًا على خراسان من عام 78 حتى 86 هـ، وقد رأى الحجاج أن يدفع بدماء شابة جديدة في قيادة المجاهدين هناك، فلم يجد أفضل من قتيبة بن مسلم لهذه المهمة .
سار قتيبة بن مسلم على نفس الخطة التى سار عليها آل المهلب، وهى خطة الضربات السريعة القوية المتلاحقة على الأعداء، فلا يترك لهم وقت للتجمع أو التخطيط لرد الهجوم على المسلمين، ولكنه امتاز عن آل المهلب بأنه كان يضع لكل حملة خطة ثابتة لها هدف ووجهة محددة، ثم يوجه كل قوته للوصول إلى هدفه، غير عابىء بالمصاعب أو الأهوال التى ستواجهه، معتمدًا على بسالته النادرة وروح القيادة التى امتاز بها وإيمانه العميق بالإسلام .