كتبت / بسنت عادل
كان ثالث خلفاء بني العباس هو أبو عبدالله محمد بن أبى جعفر المنصور ، ولد سنة ١٢٥ ه بإيذج و أمه أم موسى أروى بنت منصور الحميرى التى أنجبت للمنصور ولديه جغفراً و محمد المهدي . وكان المهدي يعده أبوه منذ صغره لخلافته ، فعنى بتربيته ، فلما شب عن الطوق ، أخرجه أبوه وهو فى الخامسة عشر من عمره مع خازم بن خزيمة إلى خراسان وطبرستان ليتعلم منه كيف يقود الجيوش ، ويدير المعارك .
بيعته :-
كان ولى عهد المنصور أول خلافته عيسى بن موسى بوصية أبى العباس السفاح ، ولما أكمل المنصور نحو عقد من خلافته ، وبعد هلاك محمد بن عبدالله ذى النفس الذكية العلوى سنة ١٤٥ ه وعبدالله بن على العباسى سنة ١٤٦ ه ، رأى المنصور أن الظروف قد تهيأت له لتغيير نظام التوريث العائلى ، والأخذ بنظام الوراثة الصلبية ليسوق الخلافة إلى ولده محمد المهدي ، وضغط المنصور على عيسى ابن موسى وأخذه بالوعد و الوعيد ؛ حتى تنازل عن ولاية العهد لمحمد ابن أبى جعفر المنصور سنة ١٤٧ ه فلقب المنصور ولده بالمهدى وطيب خاطر ابن أخيه بأن جعله ولياً للعهد بعد المهدى .
أعمال محمد المهدي بالله:-
وتبدو خلافة محمد المهدي وكأنها بداية جديدة للخلافة العباسية فقد أقام حق العباسيين فى الخلافة على أساس جديد . رد المهدي حق العباسيين فى الخلافة إلى إثبات الإمامة للعباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه كان أولى الناس بالنبى صلى الله عليه وسلم حين وفاته ثم من بعده أبنائه .
كان للمهدى السبق فى أعمال عديدة فكان أول من أمر بتصنيف كتب الجدل فى الرد على الزنادقة والملاحدة وأول من مُشى بين يديه بالسيوف المستلة والقسى والنشاب وأول من وضع ديوان الأزمة وعمل البريد بين الحجاز والعراق وبين المدينة وبين مكة واليمن ، واستلهم المهدي فى سياسته الوصايا التى أوصاه بها أبوه المنصور فى وصيته الأخيرة ، إذ أوصاه بالعدل بين الرعية ، وإعطاء الأرزاق لأهلها فى أوقاتها ، وعمارة البلاد بتخفيف الخراج واستصلاح الناس بحسن السيرة ، وحفظ الأطراف وسد الثغور والجهاد ، فبادر المهدي أول توليه الخلافة إلى رد المظالم وكف عن القتل وأمن الخائف وأنصف المظلوم ، وبسط يده فى إعطاء الأموال حتى أنفق ما ادخره المنصور ، ولهذا كان محببا إلى الخاصة والعامة طيلة خلافته ، وشبه فى عدله بعمر ابن عبدالعزيز وأمر المهدي سنة ١٥٩ ه بإطلاق من كان فى سجون المنصور إلا من كان مسجونا فى دم أو قتل وأيضا قام محمد المهدي بأعمال كثيرة .
وامتدت خلافة المهدى عشرة أعوام ونيف حتى وافته المنية بقرية تسمى الرذ من ماسبذان فى شهر المحرم سنة ١٦٩ ه عن ٤٣ عام ، وصلى عليه ابنه هارون ، ودفن تحت جوزة كان يجلس تحتها .