(لمحة عامة عن القضايا الاجتماعية التي تؤثِّر في الأطفال)



كتبت/ مرام أشرف أبو النجا 

حتى ينمُو الطفل، ينبغي أن يتلقَّى رِعاية مُناسبة ومُستمرَّة من قبل مقدم للرعاية مُحبّ، سواءٌ أكان هذا الشخص أحد الوالدين أم مُقدِّم للرعاية؛ ويُمكن أن يمنحَ الأمن والدعم الذي يقدمه هذا الشخص البالغ الطفلَ ثقةً بالنفس ومرونةً للتعامُل مع الشدَّة بشكلٍ فعَّالٍ.


وحتَّى ينضج الأطفال من الناحية العاطفية والاجتماعية، ينبغي أن يتفاعلوا مع الأشخاص خارج المنزل؛ وتحدث هذه التفاعلاتُ عادة مع ذوي القُربَى والأصدقاء والجيران والأشخاص في مراكز رعاية الأطفال والمدارس والكنائس والفرق الرياضية أو النشاطات الأخرى. من خلال التعامل مع الحالات البسيطة من الشدَّة والصراعات الثانوية الكامنة في هذه التفاعلات، يكتسب الأطفال تدريجيًا مهارات للتعامل مع عوامل الشدَّة أو الضغوط الأكثر أهمية. كما يتعلم الأطفال أيضًا من خلال مشاهدة كيف يتعامل البالغون مع الضائقة في حياتهم.


قد تُمثِّلُ بعضُ الأحداث الرئيسية التي تُسبب اضطرابًا في بنية الأسرة أو روتينها، مثل المرض والطلاق، تحديًا لقدرات الطفل على التأقلُم؛ كما قد تُؤثِّرُ هذه الأحداثُ في النمو العاطفي والاجتماعي للطفل أيضًا؛ فعلى سبيل المثال، قد يُحول مرضٌ مزمن دُون مُشاركة الطفل في نشاطاتٍ كما يضعف أيضًا الأداء في المدرسة.


كما قد يكون للأحداث التي تؤثر في الطفل عواقب سلبية على الأشخاص المقربين منه أيضًا، وكل من يقوم برعاية طفل مريض، أو طفل لديه مشاكل سلوكية خطيرة، يكون تحت الضغط، وتختلف عواقب مثل هذه الشدَّة حسب طبيعة وشدة المرض أو المشكلة السُّلُوكية، وحسب الموارد العاطفية للأسرة وغيرها من الموارد وأنواع الدعم.


التحدّث مع الأطفال حول مواضيع صعبَة


هناك العديد من أحداث الحياة، بما فيها مرض أو وفاة شخص قريب (انظر وفاة أحد أفراد العائلة أو شخص عزيز) والطلاق والتنمُّر، التي تكون مُخيفةً أو غير سارَّة للأطفال؛ وحتى الأحداث التي لا تؤثر في الطفل مباشرةً، مثل الكوارث الطبيعية أو الحرب أو الإرهاب، قد تُسبب القلق، ويُمكن أن تستحوذ المخاوف من جميع هذه الأحداث على الطفل.


يواجه الأطفال صعوبة في التحدّث عن مواضيع غير سارة غالبًا، ولكن يمكن أن يُساعد النقاش المفتوح الطفلَ على التعامل مع المواضيع الصعبة أو المحرجة وتبديد المخاوف غير المنطقية. يحتاج الطفل إلى معرفة أن القلق أمرٌ طبيعي، وأن مشاعر القلق سوف تقلّ مع مرور الزمن؛ وغالباً ما يجد الآباء الذين يناقشون بشكلٍ روتيني مواضيع صعبة مع أطفالهم في سن مبكرة أن الأطفال أكثر انفتاحًا للحديث حول القضايا المعقدة التي يواجهونها كمراهقين.


ينبغي على الآباء مناقشة الموضوعات الصعبة في أثناء وقتٍ هادئ وفي مكان آمن ومريح، وعندما يُبدِي الطفل اهتمامه؛ كما ينبغي على الآباء أن يبقوا هادئين، وأن يقدموا معلومات واقعية وأن يعطوا الطفل اهتمامًا كاملاً. يُشجِّعُ الإقرارُ بما يقوله الطفل مع عبارات مثل "أنا أفهم" أو مع إيماءة هادئة الطفلَ على منح ثقته إلى من يتحدث إليه؛ كما تُعدُّ إعادة صياغة ما يقوله الطفل باستخدام بضع كلمات من الأمور المُشجِّعة أيضًا، فعلى سبيل المثال، إذا نوَّه الطفل إلى الغضب حول الطلاق، يستطيع أحد الوالدين القول: "إذًا، فإن الطلاق يجعلك غاضبًا" أو "أخبرني المزيد عن ذلك". كما يُشجِّع السؤال حول مشاعر الطفل على مُناقشة الانفعالات الحساسة أو المخاوف أيضًاً؛ مثل الخوف من أن يقوم والد غير وصيّ بالتخلي عن الطفل في أثناء الطلاق أو الشعور بالذنب بالنسبة للتسبّب في الطلاق.


يُشجِّعُ الآباءُ أطفالهم على الإقرار بمخاوفهم وما يشغل بالهم من خلال التحدث عن مشاعرهم الذاتية، فعلى سبيل المثال، وبالنسبة إلى الطلاق، قد يقول أحد الوالدين: "أنا أشعر بالحزن أيضًا حول الطلاق، ولكن أنا أعلم أيضًا أنه الشيء الصحيح الذي ينبغي أن تفعله أمي وأبي، وعلى الرغم من أننا لن نستطيع العيش معًا بعد الآن، إلا أننا سنحبك معًا ونغتني بكَ دائمًا". وعند القيام ذلك، يستطيع الوالدان مناقشة مشاعرهما وتقديم الطمأنينة وشرح أن الطلاق هو الخيار المناسب لهما. يحتاج العديد من الأطفال، خُصوصًا الأطفال الأصغر سنًا، إلى سماع نفس الرسالة مرارًا وتكرارًا؛ وينبغي على الآباء عدم التقليل من قيمة الطمأنينة التي تقدمها هذه الرسائل.


كما قد ينبغي أيضًا علی أحد الوالدین أن یتعامل مع جانبٍ صعبٍ من سلوك الطفل، فعلى سبيل المثال، ينبغي على أحد الوالدين، الذي يشتبه في أن الطفل أو المراهق يتعاطى المخدرات أو يُعاقر الخمرة، أن يتطرق إلى هذه المسألة مع الطفل مباشرةً. قد يقول أحد الوالدين: "أنا قلق من أنك تتعاطى المخدرات. أنا أشعر بهذه الطريقة بسبب . . . " من المهم أن يتحدث الوالد بطريقة واضحة وهادئة، وأن يُعبِّر عن المخاوف حول سلوك الطفل، بالإضافة إلى تقديم الدعم والحبّ. بعد أن يُعرِب الآباء عن المخاوف التي لديهم، ينبغي إتاحة الفرصة أمام الطفل للتحدث؛ وينبغي على الطفل والوالد أن يضعا خطة عمل قد تتضمن موعدًا مع طبيب أطفال أو استشاري.
 

أحدث أقدم