كتبت/آلاء عصام
السيدة عائشة خير نساء العالمين، ولقد فُضلت عن غيرها من زوجات النبى صلي الله عليه وسلم، وكُرمت من عند الله سبحانه وتعالى فإن أمر زواج النبى صلي الله عليه وسلم منها، كان من عند الله سبحانه وتعالى، إذ قال رسول الله للسيدة عائشة (أريتك قبل أن أتزوجك مرتين، رأيت الملك يحملك فى سرقة من حرير، فقلت له: أكشف، فكشف فإذا هى أنت، فقلت: إن يكن هذا من عند الله يُمضه، ثم أريتك يحملك فى سرقة من حرير فقلت: اكشف فكشف فإذا هى أنت فقلت: إن يك هذا من عند الله يُمضه)، وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها أحب الخلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال فيها:(فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)
*حادثة الإفك:
وقعت غزوة بنى المصطلق فى السنة السادسة أو الخامسة من الهجرة ، وقد كان من عادات النبى صلي الله عليه وسلم، إذا خرج إلى أحد غزواته عمل قرعة بين نساؤه، وقد وقعت القرعة فى هذه الغزوة على السيدة عائشة، وكانت السيدة عائشة فى الخامسة عشر من عمرها، وبعد أن أنتهت الغزوة، نزل المسلمون إلى بعض المنازل، فخرجت السيدة عائشة لقضاء حاجتها بعيداً عن الجيش، ثم بعد أن عادت وجدت قلادتها قد ضاعت، فعادت لتبحث عنها، فلما رجعت وجدت أن الجيش قد سار وابتعد، وفى ذلك روت السيدة عائشة رضي الله عنها،(فتيممت منزلى الذى كنت فيه وظننت أنهم سيفقدونى، فيرجعون إلى، فبينما أنا جالسة فى منزلى غلبتنى عينى فنمت، وكان صحابى هو "صفوان بن المعطل السلمى". يمشى خلف الجيش يتابع مسيره، ويتفقد أحوال من تأخر عنه، فوجد عائشة نائمة فعرفها، فاسترجع صفوان فاستيقظت على صوته، فتقول: فخمرت وجهى بجلبابى، والله ما تكلمنا بكلمة، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته، فوطأ على يدها، فقمت إليها فركبتها، فانطلق يقود الراحلة، حتى أتينا الجيش).
وكان أول من رأى مجئ عائشة رضي الله عنها، مع صفوان منافق يدعى (عبد الله بن أبى بن سلول)، فعندما رآهما نازلين أشاع خبراً كاذباً أن صفوان فعل الفاحشة بعائشة رضي الله عنها، وبعد وصول السيدة عائشة المدينة مرضت مرضاً شديداً، أقعدها فى فراشها شهراً كاملاً، فلم تكن تخرج أو ترى الناس من حولها، ولم تعلم بما يقال عنها، لكنها كانت تشعر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد جافاها قليلاً، ولم تكن تعرف سبب ذلك، وقد علمت السيدة عائشة الاخبار عندما خرجت بعدما اقترب شفاؤها.
حين علمت السيدة عائشة رضي الله عنها، بما قيل فيها، أستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن تُمَّرض فى بيت أهلها، أذِن لها، وكانت تريد أن تستبين الخبر من والدها ووالدتها، فأخبرتها والدتها بكل ما كان، فتقول عائشة أنها لم تنم ليلتها، حتى أصبحت باكية، لاتدرى ما تفعل، وكان النبى صلي الله عليه وسلم، فى تلك الحال أيضاً، قد تأخر عنه الوحى، فشاور أصحابه ماذا يفعل، ثم صعد إلى منبره، فقال:(يا معشر المسلمين، من يعذرنى من رجل قد بلغنى عنه، آذاه فى أهلى، والله ما علمت على أهلى إلا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً، ما علمت عليه إلا خيراً، وما يدخل على أهلى إلا معى) فضج الناس كلٌ يريد أن يرضى رسول الله، ولو بضرب رقاب بعضهم بعضاً، فأسكتهم رسول الله،
ظلت السيدة عائشة على هذه الحال ليلتين أخريين، حتى جاء لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول لها:(أما بعد يا عائشة إنه بلغنى عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة، فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب، فاستغفرى الله وتوبى إليه، فإن العبد إذا اعترف ثم تاب، تاب الله عليه)
فاضطربت عائشة بعد هذا الكلام، وقلص دمعها، وأجابت: وأنا جارية حديثة السن، لا أقرأ من القرآن كثيراً، لقد علمت: لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر فى أنفسكم، وصدقتم به، فلئن قلت لكم إنى بريئة، لا تصدقونى، ولئن أعترفت لكم بأمر، والله أعلم إنى منه بريئة، لتصدقونى، ثم اضطجعت على فراشها تبكى
ثم جاءت براءة السيدة عائشة، من فوق سبع سموات، إذ أُنزل الوحى على الرسول صلى الله عليه وسلم، ليبين براءة السيدة عائشة رضي الله عنها
فقال الله تعالى فى سورة النور: "إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ".
وما إن تنزّلت الآية وخُفّف عن النبي -عليه السلام- حتى ضحك ونادى عائشة فقال: (يا عائشةُ، أما والله فقد برَّأَكِ) فكانت هذه الآيات الكريمة براءة السيدة عائشة -رضي الله عنها وأرضاها.