كتبت: سماء جمال صابر
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صممُ
يعد بيت المتنبي الذي يفتخر فيه بنفسه من أروع أبيات شعر العرب، بل وكل قصائده تطرب لسماعها الأذن ويهدأ القلب وترتاح الأعين عند النظر إليها، يصنف أبي الطيب المتنبي كأعظم شاعر عربي على مر العصور، حيث أن قصائده حيرت علماء اللغة والأدب والنحو أمثال ابن جني والربعي وأبي علي الفارس، من حيث بلاغتها ودقتها وذكائه في اختيار الألفاظ الموحيه المعبره.
وُلد المتنبي في الكوفة سنة ثلاث وثلاثمائةً في منطقةٍ تُسمى كِندة، وقد اختلف المؤرخون في نسبه، فمنهم من نسبه إلى قبيلة كندة وهي إحدى أشهر قبائل العرب، ومنهم من نسبه إلى حيّ كِندة في الكوفة مكان ولادته، وأنكروا نسبه إلى قبيلة كِندة، كما واختلف المؤرخون أيضاً في اسم والده، فمنهم من قال أنّ اسم المتنبي هو أحمد بن الحسين بن مرّة بن عبد الجبار الجعفي، ومنهم من قال أن اسمه أحمد بن محمد بن الحسين بن عبد الصمد الجعفي، وأخبر آخرون أن اسمه أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي.
هذا وأن المتنبي اشتهر أيضًا بأبياته الفصيحة التي لا تكاد تُفهم من العامة، مثل بيته الشهير: ألمُّ ألمَّ ألمْ أُلمَّ بدائه إن آن آنٌ آنَ آنُ أوانه
ومعنى البيت، لقد أحاط بي ألم لم أعرفه من قبل إن جاء وقت شفائه من الله فقد آن ذلك له.
كان المتنبي يعرف بين العرب أيضًا بفكاهته ورده القاسي القاتل، ففي أحد المواقف، كان يسير في أحد الشوارع وقابله رجلًا، قال له: والله يا أبا طيب رأيتك من بعيد فحسبتك امرأةً. رد عليه المتنبي: وأنا رأيتك من بعيد حسبتك رجلًا.
ومن الجدير بالذكر أن المتنبي كان نرجسيًا، أي أنه كان كثير الفخر بنفسه، إلى جانب ذلك أيضًا كان يسخر من الناس والعامة ويسبهم ف شعره مستحقرًا لهم، وأحد ضحايا المتنبي شخص يدعى "ضبة" ، كان المتنبي عائدًا من مصر فوصلت الأخبار إلى خال "ضبة" فجمع ثلاثين رجلًا ليقطعوا الطريق على المتنبي حتى ينتقم لابن أخته، كان المتنبي على وشك الفرار وكان يستطيع بالفعل الهروب، ولكن أحد أقاربه قال له: ما يعرفك الناس بالفرار وأنت تقول: الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلمُ.
استحى المتنبي أن يلوذ بالفرار وقرر القتال ولكن كيف يصمد أمام هذا العدد، هو شاعر وليس محارب، وهكذا كانت نهاية الشاعر العظيم، بل إنه الأعظم على الإطلاق.