كتبت فاطمه محمود وهبه
«ولا غالب».. عن معارك طواحين الهواء في تاريخ الأندلس!
محمد بسام الحسيني
رواية «ولا غالب» للروائي الكويتي عبدالوهاب الحمادي ليست من نوع الروايات البريئة أو المحايدة، بل عمل أدبي ذو دلالات عميقة يوجه السهام نحو المغالاة في تمجيد العرب والمسلمين لتاريخ الأندلس، بل واستغلاله في الترويج لأجندات قومية أو دينية على أسس عنصرية.
من هنا، فإنه عمل غير مألوف في المكتبة العربية التي عادة ما تمجد فترة حكم العرب للأندلس منذ عشرات القرون دون أي تمحيص فعلي أو تدقيق في الشخصيات والأحداث عبر التركيز على أنصاف حقائق وتلميع الإيجابيات وتجاهل السلبيات بعكس ما يحدث في الغرب، حيث يُقرأ التاريخ بواقعية اكبر بكثير.
في المضمون انها رواية تثبت ان التاريخ ـ خاصة قديمه قبل دخولنا عصر التوثيق الحديث ـ ما هو الا تجميع روايات منقولة، وفي كثير من الأحيان غير مسندة، ما يدعونا لمراجعته بأسلوب علمي ومنطقي ونبذ أي بروباغندا من اي اتجاه فكري كان.
أدبيا، هذه الرواية على درجة من الجودة السردية على مستويي الحكاية والخطاب التي تجعلها برأينا أحد افضل الاعمال الصادرة على مستوى العالم العربي في السنوات الأخيرة، فالكاتب يتحرى فيها جملة تقنيات حديثة في السرد، لعل ابرز ملامحها السرد التداخلي و«الحيل الروائية» للربط بين حكايتين، الاولى لكاتب يخوض تجربة روائية ويتواصل فيها مع اديبين ينبذ احدهما الآخر بمزيج من مشاعر الغيرة والازدراء، ومع علمه بحقيقة مشاعرهما لا يتورع الكاتب في عرض ما ورد إليه من ملاحظات احدهما على الآخر، فتكون النتيجة نميمة تعرّي اجواء التكلف والتزلف في الدوائر المسماة بالأدبية والثقافية، وتلقي الضوء على «الزبائنية» التي تربط بين بعض الأدباء والنقاد.