لوحة رأس امرأة


 


كتبت / ماهيتاب إيهاب عمر


رأس امرأة ‏ هي لوحة مرسومة بالزيت على الخشب النهضة 

من أعمال الفنان الإيطالي ليوناردو دا فينشي، وربما يعود تاريخها إلى حوالي العام 1500 م، وتعرض اللوحة في معرض بارما الوطني، إيطاليا.


وقد وصف الباحث الامريكي الكسندر ناجل اللوحة قائلا : "لا تركز الامرأة عينيها على أي كائن في الخارج، وعيناها تعطي الانطباع بأنها سوف تبقى حيث هي، هي ترى من خلال الداخل بدلا من تلقي الانطباعات الفورية عن العالم الخارجي . هذه هي الحالة والموقف لامرأة عالقة في حالة ذهنية وشاردة في فكرة معينة غير مدركة لها" .


وهي تصور امرأة شابة فائقة الجمال تميل برأسها، وتبدو الكآبة جلية في عينيها، وتلقب هذه اللوحة كذلك باسم «الشعثاء»، في إشارة إلى خصلات الشعر المتمردة ، فيما حرص دافينشي على رسم ملامح في منتهى الرقة للشابة، ويطلق عليها لوحة «رأس امرأة» أو «لاسكابيلياتا».


حيث دأب دافينشي على إبراز جمال الأنثى الممزوج بالرقة والبساطة، فضلاً عن إظهار ما يختلج في داخل المرأة من حزن أو فرح أو تأثر ، وذلك من خلال ملامح وتعابير وجهها، وقد استخدم دافينشي لوناً ترابياً في رسم هذه اللوحة، وفيها مزج بين شكلين للطبيعة هما الطبيعة الأنثوية والطبيعة الأم بأسلوب متقن كما في العديد من لوحات دافينشي التي تكون فيها المرأة حاضرة بقوة.


ثمة قاسم مشترك بين هذه اللوحة ولوحة «الموناليزا» للفنان ذاته؛ حيث الملامح الغامضة والمحيرة، فإلى جانب شعرها المتناثر بطريقة عفوية، فإن المرأة الظاهرة في هذه اللوحة، التي تتميز بأنف دقيق وعينين شبه مغمضتين يظهر على وجهها خليط من المشاعر المتباينة بين السعادة والحزن، إلا أن الشعور العام لهذه اللوحة يبعث على الهدوء والسكينة، كما أن هذه المرأة غامضة الهوية، ما دفع النقاد إلى الاعتقاد بأن تكون إحدى «المادونات» التي دأب دافينشي على رسمهن في العديد من أعماله، وقد كان عام 1998 بمثابة منعطف تاريخي بالنسبة لهذه اللوحة، وذلك بعد ظهورها في فيلم سينمائي اتخذت فيه بطلة الفيلم الوضعية ذاتها التي تظهر في لوحة «رأس امرأة»، ما أكسبها شعبية عارمة آنذاك.


يرى عدد من نقاد ومؤرخي الفن أن ليوناردو دافنشي رسم هذه اللوحة بطريقة احترافية بارعة تؤهلها لمواجهة مختلف عوامل التقادم أو النسيان، وأن تبقى في واجهة المشهد لعقود طويلة؛ كما أن حالة التأمل العميق الظاهرة في اللوحة دفعت نقاداً آخرين إلى القول إنها أكثر أعمال دافينشي إبداعاً، بل ذهبوا لأبعد من ذلك، وأشاروا إلى احتمال أن تكون أكثر أهمية من «الموناليزا». 

وهذه اللوحة لم تجنح عن الخط الذي كان يتبعه دافينشي في رسم الجمال الأنثوي خلال عصر النهضة الإيطالي، الذي ركز فيه بشكل خاص على الشفاه الرقيقة، والأنف الدقيق، والنتوء البسيط في الجبين العريض، فضلاً عن الابتسامة الغامضة والمبهمة التي باتت من سمات أعمال الفنان الإيطالي.

أحدث أقدم